كتاب “الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى” من أهم و أشهر كتب التاريخ المغربي.
مؤلفه هو أحمد بن خالد الناصري (1835–1897)، و هو مؤرخ مغربي كبير من مدينة سلا.

  و يعد هذا الكتاب موسوعة تاريخية ضخمة، جمع فيها الناصري أخبار المغرب من الفتح الإسلامي إلى عصره (القرن 19)، بطريقة شاملة و دقيقة.

مميزات الكتاب:

اعتمد فيه على مصادر متعددة مغربية و أندلسية و مشرقية.

اتبع أسلوبا سرديا يجمع بين التحليل و الرواية.

تناول التاريخ السياسي بالأساس، مع بعض الإشارات الاجتماعية و الثقافية.

أهمية كتاب “الاستقصا”:

يعد مرجعا لا غنى عنه لدراسة تاريخ المغرب.

احتفظ بكثير من المعلومات التي لم ترد في كتب أخرى.

استخدمه و أشاد به كثير من الباحثين المغاربة و المستشرقين.

     و نستعرض في هذا المقال أهم ما تناوله أحمد خالد الناصري في كتابه الذي قسمه إلى ثمانية أجزاء:

الجزء الأول: فتح المغرب و إسلام سكانه و تأسيس الدولة الإدريسية

    يتناول فتح المغرب الأقصى على يد القادة الأمويين، أبرزهم عقبة بن نافع، الذي وصل إلى المحيط الأطلسي.

المقاومة العنيفة لقبائل الأمازيغ، خاصة مع كسيلة و الكاهنة.

تأسيس أول قواعد الإسلام في المغرب، مع صعوبات في تثبيت الحكم بفعل بعدها عن المركز الأموي.

نشأة إمارات أمازيغية مستقلة عن الحكم المركزي بعد سقوط بني أمية بالأندلس.

ظهور الدولة الإدريسية سنة 788م: بعد موقعة فخ بمكة، فر إدريس بن عبد الله إلى المغرب، و تمت مبايعته بفاس.

يعرض أهمية الأدارسة في نشر الإسلام السني وسط الأمازيغ، و تأصيل العربية و الدين الإسلامي.

تأسيس مدن رئيسية مثل فاس، و تحولها إلى مركز ديني و علمي.

 الجزء الثاني: من نهاية الأدارسة إلى صعود المرابطين

    تدهور الدولة الإدريسية بسبب الانقسامات العائلية و المؤامرات الخارجية (الفاطميون من الشرق، الأمويون من الأندلس).

تسليط الضوء على الاضطراب السياسي و تحول المغرب إلى ساحات صراع بين قوى متعددة.

ظهور الدعوة الإصلاحية الصحراوية على يد عبد الله بن ياسين، المرتبطة بقبائل صنهاجة، و تأسيس دولة المرابطين.

توسع المرابطين شمالًا وتوحيد المغرب تدريجيًا تحت رايتهم.

حملة يوسف بن تاشفين نحو الأندلس لإنقاذ المسلمين من خطر الممالك المسيحية.

انتصار الزلاقة (1086م) الذي أوقف الزحف المسيحي موقتا، و بداية تدخل المرابطين بالأندلس.

الجزء الثالث: الدولة الموحدية: دعوة دينية جديدة و سيطرة سياسية

    ظهور المهدي بن تومرت، الذي أعلن نفسه “المهدي المنتظر” و أسس حركة الموحدين.

البرنامج العقائدي الصارم للموحدين: محاربة التجسيم و التشبيه و تنقية العقيدة.

تولي عبد المؤمن بن علي قيادة الحركة بعد وفاة ابن تومرت، و تحويلها إلى قوة سياسية.

توحيد المغرب و الأندلس و توسيع النفوذ نحو تونس و ليبيا.

بناء مراكز حضرية مهمة مثل مراكش و مكناس.

مساهمات ثقافية: تشجيع العلوم، ترجمة الفلسفة، و تطور العمارة.

بداية الضعف: الهزائم العسكرية بالأندلس أمام القوى المسيحية، و الانقسامات الداخلية.

 الجزء الرابع: المرينيون: استرجاع السيطرة والازدهار الحضاري

    انهيار الدولة الموحدية مع نهاية القرن الثالث عشر، و صعود قبائل زناتة، خاصة بنو مرين.

استعادة وحدة المغرب بعد صراع طويل مع خصوم متفرقين.

توسع كبير للعمارة الإسلامية: المدارس العلمية بفاس ومراكش، ازدهار حركة التعليم.

علاقات متينة مع مسلمي الأندلس، و استقبال اللاجئين بعد سقوط قرطبة و إشبيلية.

محاولات التدخل في شؤون الأندلس لدعم الممالك الإسلامية الباقية.

بداية التدهور بسبب الصراعات الأسرية و الحروب مع بني عبد الواد بتلمسان.

 الجزء الخامس: الوطاسيون و السعديون: الدفاع عن السيادة ضد الأطماع الأوربية

    بعد ضعف المرينيين، يظهر الوطاسيون الذين يسيطرون على فاس.

ضعف السلطة المركزية يسمح للبرتغاليين والإسبان بالاستيلاء على مدن ساحلية (سبتة 1415م، طنجة، أصيلة..).

ظهور السعديين بالجنوب المغربي، مستندين على دعم الزوايا الصوفية و الدعوة إلى الجهاد.

نجاح السعديين في توحيد المغرب مرة أخرى، و طرد البرتغاليين بعد معركة وادي المخازن (1578م).

صعود المغرب كقوة إقليمية بفضل تجارة الذهب عبر الصحراء.

 الجزء السادس: السعديون: قوة عظيمة ثم أفول سريع

    حكم أحمد المنصور الذهبي يمثل ذروة القوة المغربية: حملة على السودان و ضم تمبكتو .

ازدهار اقتصادي هائل بسبب تجارة الذهب و العبيد.

علاقات دبلوماسية قوية مع أوربا (إنجلترا و فرنسا خصوصا).

بداية التفكك بعد وفاة المنصور: انقسامات أسرية، ضعف الإدارة، تهديدات أوروبية.

دخول المغرب مرحلة اضطراب سياسي حاد، مع فقدان السيطرة على كثير من المناطق الداخلية.

 الجزء السابع: العلويون: توحيد المغرب من جديد

    بداية العهد العلوي مع المولى الرشيد، الذي وحد المغرب بالقوة.

تطور كبير في عهد المولى إسماعيل: بناء مكناس كعاصمة، تأسيس جيش عبيد البخاري، قمع الثورات الداخلية.

مقاومة مستمرة للتدخل الأوروبي، و استرجاع طنجة و مدن أخرى من الاحتلال .

استقرار نسبي خلال حياة المولى إسماعيل، لكن الصراع الشرس على الحكم بعد وفاته.

تدخلات أوروبية متزايدة، خصوصًا بريطانيا و فرنسا، بحثا عن امتيازات تجارية و سياسية.

 الجزء الثامن: تراجع السيادة و ضغوط الاحتلال

   استمرار الحكم العلوي مع تعاقب السلاطين، وسط ضعف متزايد في مواجهة التدخل الأجنبي.

ضعف الإدارة المركزية، تفشي الفتن المحلية والصراعات بين القبائل.

تصاعد التهديد الفرنسي و البريطاني، و محاولات فرض الحماية الاقتصادية.

بداية الوعي الوطني بضرورة الإصلاح ، لكن بدون نجاحات فعلية.

مهدت هذه المرحلة للحماية الفرنسية لاحقا بداية القرن العشرين.

 ملاحظات ختامية:

   “الاستقصا” ليس مجرد سرد للأحداث بل عمل تأريخي نقدي: ينتقد الناصري فساد الحكام ، و يشيد بالإصلاحات الحقيقية.

استعمل الناصري مصادر موسعة: مثل “البيان المغرب” و” نفح الطيب ” و غيرها.

تميز السرد بالمزج بين الدين و السياسة و الاجتماع، مما أعطى صورة متكاملة عن تطور المغرب.

جدول زمني لأهم الأحداث في “الاستقصا”:

ملاحظات إضافية:

الفترة الموحدية: سادت في هذه الفترة العديد من القيم الدينية التي شكلت أساسا لدولة قوية فرضت سلطتها من المغرب حتى ليبيا.

الدولة المرينية: ساهمت بشكل كبير في إدخال تقنيات جديدة للعمارة الإسلامية، و ازدهر المغرب بشكل ملحوظ في هذه الفترة.

السعديون: أسسوا واحدة من أقوى الفترات في تاريخ المغرب العسكري و الاقتصادي، لا سيما في فترة المنصور الذهبي.

العلويون: رغم صعودهم السريع، واجهوا تحديات كبيرة في الحفاظ على السلطة المركزية وسط الصراعات العائلية و الضغوط الخارجية.