حكاية مثل ( الموضوع فيه إنّ )
كثيرا ما ترددت على مسامعنا هذه العبارة القائلة (الموضوع فيه إن)، و التي تردد عادة في مواقف الشك و الريبة، لكن قليل منا من يعلم عن أصلها و فصلها..
فيا ترى ما قصة هذا المثل و ما أصل حكايته؟
يحكى انه كان في إحدى مدن الشام (مدينة حلب) أمير اشتهر بالذكاء و الفطنة و الشجاعة و الحنكة، و كان هذا الامير يدعى ”علي بن منقذ”. و كان تابعا لسلطة أحد الملوك.
و ذات يوم حدث خلاف بين الأمير و الملك، فعلم الأمير أن الملك عازم على قتله لا محالة.. فأقدم على الهرب إلى بلدة أخرى (دمشق)..
فطلب الملك من كاتبه أن يكاتب الأمير برسالة يدعوه فيها إلى العودة غلى حلب و يطمئنه على حياته..
و كان من عادة الملوك أن يجعلوا وظيفة الكاتب لمن يتصفون بالذكاء و الفطنة، لإحسانهم لصياغة الرسائل التي يبعثونها للملوك و الأكابر.. و كان أحيانا بعض هؤلاء الكتاب يصيرون ملوكا بعد وفاة الملك..
فشعر الكاتب أن الملك بدعوته للأمير إنما ينوي الغدر به.. فكتب إليه رسالة عادية جدا.. غير أنه كتب في اخرها عبارة : (إنَّ شاء اللهُ تعالى)، بتشديد حرف النون!
فلما وصلت الرسالة الأمير قرأها، فوقف مستغربا عند الخطأ الغريب في نهايتها، إذ المعلوم أن كلمة ”إن” في عبارة إن شاء الله ليس فيها أي شدة.. و لأن الأمير يعرف مهارة الكاتب و دقته، فقد أدرك على الفور أن الكاتب يريد تحديره من شيء ما حين قام بتشديد تلك النون..
فلم يلبث أن فطن إلى قول الله تعالى : ( إنّ الملأَ يأتمرون بك ليقتلوك )
ثم أرسل الأمير جوابه برسالة عادية يشكر فيها الملك و يطمئنه على ثقته، وليختمها بعبارة :
(إنّا خادمكم المقر بالإنعام).
بوضع الشدة على النون في ”إنّا” ! و الصحيح أنه بدون تشديد.
فلما بلغت الرسالة الكاتب علم أن الأمير فطن إلى تحذيره المبطن، و هو يرد عليه بقوله عز وجل : (إنّا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها)
و اطمئن الكاتب إلى أن الأمير “ابن منقذ” لن يرجع إلى مدينة حلب ما دام فيها ذلك الملك الغدار…
و بعد ان سمعت هذه الحادثة و تناقلها الناس، أصبحت تضرب مثلا حين يكون الموضوع غامضا أو فيه شك أو ريبة أو سوء قصد ..
بتصرف للفائدة