علوممنوعات

سر القارات الغارقة في المحيط زيلانديا و أطلانتس..

        فكرة اختفاء أرض عظيمة تحت الماء تحمل جاذبية خاصة يصعب مقاومتها، فلطالما أثارت القارات الغارقة خيال البشر، حيث تختلط الحقيقة بالأسطورة، و يصبح الحد الفاصل بين الواقع والخيال ضبابيا. و من بين هذه القصص، تبرز قارة أطلانتس، الأرض المفقودة التي تحدث عنها الفيلسوف أفلاطون، وزيلانديا، القارة الغارقة التي أكد العلماء وجودها حديثا. و رغم الاختلاف الجوهري بينهما، فإن الكثيرين يخلطون بينهما..

       تحدث أفلاطون عن قارة عظيمة تدعى أطلانتس بوصفها حضارة متقدمة، ذات قوة و نفوذ، لكنها غرقت فجأة في البحر في يوم و ليلة بسبب كارثة غامضة، ربما زلزال أو طوفان عظيم. حدد موقعها في المحيط الأطلسي، وراء “أعمدة هرقل” التي يعتقد أنها مضيق جبل طارق حاليا، لكن لم يجد العلماء أي دليل على وجودها هناك، أو في أي مكان آخر ، ما جعلها أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة. و رغم مرور آلاف  السنين، لم يتوقف البحث عن أطلانتس، و كأن العثور عليها سيكشف سرًا من أسرار البشرية أو يمنحنا لمحة عن ماض لم يكن من المفترض أن ينسى.

       أما زيلانديا، فهي ليست أسطورة، بل قارة حقيقية تقع في المحيط الهادئ، شرق أستراليا، و تمتد عبر مساحة تبلغ 4.9 مليون كيلومتر مربع. معظمها مغمور تحت الماء، حيث يبلغ متوسط عمقها بين 1000 و 1500 متر تحت سطح البحر، ولم تبقَ منها فوق سطح المحيط سوى أجزاء صغيرة، مثل نيوزيلندا و كاليدونيا الجديدة. تم تأكيد وجودها كقارة مستقلة في عام 2017 بعد دراسات جيولوجية مكثفة أثبتت أنها تمتلك خصائص القارات من حيث التركيب الصخري و المساحة الكبيرة.

         يعود غمر زيلانديا إلى عمليات جيولوجية بدأت منذ ملايين السنين، حيث كانت في الأصل جزءً من القارة العظمى غندوانا، و التي تشكلت بعد انقسام القارة الأم بانجيا قبل حوالي 200 مليون سنة. و مع مرور الوقت، انفصلت زيلانديا عن غندوانا قبل حوالي 85 مليون سنة بسبب الحركات التكتونية، وبدأت تغرق تدريجيا تحت الماء.

       ربما يكون سبب الخلط بين زيلانديا و أطلانتس هو تلك الرغبة البشرية في تصديق الأساطير، حيث أن فكرة العثور على قارة مفقودة تحت الماء تبعث على الإثارة والتشويق. و لكن بينما تظل أطلانتس قصة بلا أدلة، فإن زيلانديا هي اكتشاف حقيقي يعيد تشكيل فهمنا للجغرافيا. قد لا تكون زيلانديا مليئة بالمعابد الذهبية أو الحضارات المتطورة التي تحدث عنها أفلاطون، لكنها تثبت أن عالمنا لا يزال يخفي أسرارا مذهلة لم تكتشف بعد، و أن العلم، وليس الأسطورة، هو الذي يمنحنا أعمق الحقائق عن ماضينا و مستقبلنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى