منوعات

مدة التصفيق في المناسبات الرسمية في كوريا الشمالية

متى يجب التوقف عن التصفيق؟

    في معظم بلدان العالم، يعد التصفيق تعبيرا طبيعيا عن الإعجاب أو التشجيع. لكن في كوريا الشمالية، يأخذ هذا الفعل البسيط أبعادا سياسية و اجتماعية عميقة إلى حد الفكاهة أحيانا، تصل إلى حد أن مدة التصفيق  قد تعد مؤشرا على الولاء للنظام الحاكم.

في كوريا التصفيق… أكثر من مجرد عادة

  عند ظهور الزعيم كيم جونغ أون أو أحد رموز النظام في مناسبة رسمية، يقف الحاضرون تلقائيًا ويبدأون في التصفيق الحار والمستمر. لا أحد يجرؤ على التوقف قبل غيره، لأن التوقف المبكر قد يفسر على أنه قلة احترام أو حتى عصيان. و قد نقلت شهادات من منشقين عن النظام أن البعض يُجبرون على التصفيق حتى تتورم أيديهم، فقط لتجنب أي شبهة في عدم الولاء.

 مدة التصفيق… لا أحد يعرف بالضبط متى يجب التوقف..

  لا توجد أرقام رسمية توضح المدة الدقيقة للتصفيق في المناسبات الكورية الشمالية، لكن تقارير إعلامية و دبلوماسية تفيد بأنها قد تمتد من عدة دقائق إلى أكثر من عشر دقائق متواصلة، تبعا لحضور الزعيم أو نوع المناسبة.
و من أحد الأمثلة الشهيرة هو تصفيق دام طويلا خلال عرض عسكري في بيونغ يانغ سنة 2018، حيث أظهر التسجيل الرسمي الجمهور يصفق بشكل متواصل و منسق على وقع موسيقى تمجد القائد. و في عهد كيم جونغ إيل الزعيم السابق، حدث أن استمر التصفيق لأكثر من 20دقيقة في إحدى المناسبات، لأن التوقف قبل الاخرين قد يفسر كعدم ولاء.

 لماذا يستمر التصفيق كل هذا الوقت؟

     يعتبر النظام الكوري الشمالي التصفيق الجماعي وسيلة لبث روح الانسجام و الانضباط بين المواطنين، و تذكيرهم بأن الزعيم هو مركز الولاء و القدوة المطلقة.
و هو أيضا جزء من “لغة الجسد السياسية ” في البلاد: فالتصفيق بحماس، و النظر نحو المنصة، و ترديد الشعارات، كلها مؤشرات تستخدم لقياس درجة الانتماء و الالتزام داخل المجتمع.

 التحليل النفسي و الاجتماعي

    من منظور علم النفس الاجتماعي، يظهر التصفيق القسري مدى قدرة الأنظمة الشمولية على تحويل السلوك الجماعي إلى وسيلة للسيطرة. فحين يصفق الجميع بلا توقف، يشعر الفرد أنه مراقب، و أن التوقف عن التصفيق يعني خروجه عن الصف، ما يرسخ ثقافـة الخضوع الجماعي.

 مقارنة رمزية

    بينما يعد التصفيق في معظم دول العالم تعبيرا عن حرية التعبير و المشاركة، فإنه في كوريا الشمالية يمثل واجبا وطنيا و إشارة إلى الولاء السياسي. إنها مفارقة تكشف كيف يمكن للفعل نفسه أن يحمل معاني متناقضة تماما، بحسب النظام الذي يحيط به.

   الخلاصة أن التصفيق في كوريا الشمالية ليس مجرد استجابة تلقائية، بل طقس سياسي منظم يخدم أهداف النظام القائم في إظهار الوحدة المطلقة حول القائد. أما مدة التصفيق، فهي ليست محددة بدقيقة أو ثانيتين، بل تقاس بمدى الرغبة في البقاء في دائرة الأمان السياسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى